السياحة و الربيع العربي

يعتبر العالم العربي من المناطق السِّياحيَّة الجاذبة في العالم، لما يضمُّ من معالم أثريَّة وحضاريَّة وتراثيَّة، ولطالما كان محط أنظار وجذب السيَّاح من مختلف الدول، ولكن مع بداية العام 2011 الجاري، شهدت المنطقة العربيَّة ومازالت تشهد الكثير من التَّغيرات على السَّاحة السياسيَّة والأمنيَّة جراء الثَّورات والمظاهرات والإشتباكات الَّتي إندلعت في عددٍ من دولها، نتيجة الأوضاع الإقتصاديَّة الَّتي يعيش تحت وزرها المواطن العربي، والكبت السياسي الذي يعانيه، إضافةً إلى التَّعتيم على الحريَّات والإعلام في العديد من الدول.

ففي ظل هذه الأوضاع المتلبِّدة، ما هي فرص عودة زخم السيَّاح إلى هذه المنطقة خلال هذا العام؟ وأين سيقضي المواطن العربي عطلته الصَّيفيَّة؟ وكيف يمكن تقويم تأثير الوضع السِّياسي في المنطقة في توزع الوجهات السِّياحيَّة؟.

من المنطقي أنّْ يفضِّل سيَّاح الدول الأوروبيَّة والأميركيَّة، دولاً أخرى كتركيا، وإسبانيا، واليونان، وعددًا من البلدان الأخرى في البحر الأبيض المتوسط على الأقطار العربيَّة في هذا الموسم السياحي خوفًا من الهزات الثوريَّة، وكذلك المواطن العربي الذي كان المتأثِّر الأوَّل والأخير من الأحداث، الذي فضَّل ووفقًا لإستفتاء "إيلاف" الأسبوعي أنّْ لا يسافر، نظرًا إلى الأوضاع الإقتصاديَّة والأمنيَّة الَّتي يعانيها، بما نسبة 47.84% من مجموع المصوِّتين، فيما فضَّل البعض الآخر السفر إلى أماكن متنوِّعة، وبين الوجهات السِّياحيَّة إختار 22.04% السفر إلى أوروبا، 15.52% فضَّلوا السفر إلى إحدى دول العالم العربي، 8.25% إختاروا السفر إلى الأميركيتين، و6.34% إلى شرق آسيا، علمًا أنَّ مجموع الأصوات المشاركة في الإستفتاء بلغ 6651.

عن سبل عودة السِّياحة إلى سابق عهدها، باشر العديد من الدول الَّتي شهدت إضطرابات، كمصر وتونس، في إتباع سياسة جديدة لتحفيز مجيء السيَّاح، من خلال بعض التَّحفيضات الَّتي أجرتها على أسعار الفنادق والحجوزات، والدعم الإعلاني الذي تلقاه، إضافةً إلى الجهود الديبلوماسيَّة الَّتي تبذل لتحفيز الدول الأخرى على السماح لمواطنيها وتشجيعهم للقدوم إلى هذه الدول.

في المقابل، وعلى سبيل المثال، فإنَّ البحرين تأثرت كثيرًا سياحيًّا، بحيث إنَّ حوالي نصف مليون سعودي يدخلونها شهريًّا عن طريق الجسر الرابط بينها وبين المملكة، إلَّا أنَّ الإضطرابات الَّتي عصفت بها أضرَّت بإقتصادها، خصوصًا وأنَّ إعتمادها كبير جدًّا على الدخل السِّياحي، عكس الدول الخليجيَّة الأخرى الَّتي تعتمد على النفط.

في سياق آخر، يبدو أنَّ مصائب قومٍ عند قومٍ... فوائد، فالدول الَّتي لم تشهد إضطرابات أمنيَّة خلال هذه الفترة، كلبنان مثلاً، إستعدَّت جيِّدًا للموسم السياحي، بحيث إستقطبت أعددًا كبيرة من العرب، والأجانب، بحسب ما أكَّد مرارًا وزير السِّياحة اللبناني، فادي عبود، الذي توقَّع صيفًا حافلاً للبنان، بإستناده إلى حركة الملاحة في مطار بيروت الدولي، إضافةً إلى الإيرادات المتأتية، والنشاطات الفنيَّة والتَّرفيهيَّة الَّتي تنظَّم، وكذلك الأمر في إمارة دبي، الَّتي تشهد إقبالاً سياحيًّا منذ بدء إندلاع الثورات في العالم العربي، ووفق بعض الإحصاءات الرَّسميَّة فقد دخلها 300 ألف سعودي منذ بداية أحداث البحرين.

المعالم الحضاريَّة والسِّياحيَّة في العالم العربي
إلى ذلك، تُعد المنطقة العربيَّة مكانًا جاذبًا للسيَّاح من أنحاء العالم كافة، وذلك لإمتدادها الشَّاسع في الشَّرق الأوسط، كما وتضمُّ العديد من المعالم الحضاريَّة والسِّياحيَّة والطبيعيَّة في عددٍ كبيرٍ من بلدانها، والَّتي بفضلها يستقطب العديد من الزوَّار من مختلف بلدان العالم، بسبب تنوعها وغناها.

ففي مصر، تجد الأهرامات، والجيزة، وآثار الأقصر، وأسوان، وتل العمارنة، والإسكندريَّة، والقاهرة القديمة، وممفيس، وطيبة، وإدفو، وسانت كاترين.

أمَّا الجزائر فتضمُّ مقام الشهيد في العاصمة، والمدينة الرومانيَّة هيبون عنابة، و خليج شطايبي في عنابة، وجبال الهقار في تمنراست، وتاغيت بشار، والشفة الخلابة في المدية، وياما قوراية ببجاية، وفوهة مادنة في الأغواط الناتجة عن سقوط ثاني أكبر نيزك، وقوس كركلا في سوق أهراس، وتيمقاد وجميلة الأثريتين في باتنة وسطيف، والقالة، وقالمة، وغرداقة، وقسنطينة، وسكيكدا، وجيجل، وتلمسان.

كذلك سلطنة عُمان، حيث قلعة نزوى، وكهف مجلس الجن، وكهف الهوتة، وصلالة، ومصيرة، والديمانيات، وحصن جبرين، والعيجة، والأشخرة، وميناء صور، وقلعة الجلالي والميراني، ومسقط، وجامع السلطان قابوس الأكبر، وجامعة السلطان قابوس، وسوق مطرح.

حتَّى ليبيا تمتاز ببعض المعالم السِّياحيَّة، حيث توجد آثار قورينا، وأبولونيا ، وثيودورياس، وطلميثة، ولبدة، وصبراته، وبحيرة قبرعون، والمدينة القديمة في طرابلس، وقوس ماركوس أورليوس، والسراي الحمراء. أمَّا المغرب فيضمُّ آثار طنجة، وفاس، ومكناس، والجديدة، والرباط.

لنصل إلى سوريا، حيث أثار تدمر، وأفاميا، وبصرى، ودورا أوربوس، ودمشق القديمة، وحلب، وشهبا، وراميتا، ومعلولا، وعمريت، وأوغاريت، وصيدنايا، وأرواد، وكركميش، والرصافة، مرورًا بالأردن، حيث آثار جرش، وأربد، والبتراء، والبحر الميت، والعقبة، والزرقاء، والسلط، وعين غزال، ومادبا، وعمّان، وأم قيس، والكرك، وعجلون.

أمَّا في العراق فتوجد آثار بابل، ونمرود، وعكَركَوف، وأور، وبغداد، وسامراء، ونينوى، وآشور، والمدائن، وحصن الاخيضر في الفرات الأوسط، والدور ملوية أبو دلف، وكذلك فلسطين، حيث آثار أريحا، والقدس، وعسقلان، وبيت لحم، وبيسان، والجليل، والخليل، وطبريا، والنقب، ونابلس، وسبسطية، والبحر الميت. أمَّا لبنان فتتنوَّع معالمه السِّياحيَّة والطبيعيَّة بين صيدا، وبعلبك، وجبيل، وصور، وبيروت، ومغارة جعيتا، وغابات الأرز.

ويوجد في تونس قصر الجمٌ، وقرطاج، والقيروان، والمهدية. أمَّا في السودان فهناك أهرامات مروي، وجبل البركل، لنصل إلى اليمن، حيث معبد بلقيس، وسد مأرب، وعدن، وصنعاء القديمة، وموقع التراث الحضاري في جزيرة سقطرى.

كذلك المملكة العربيَّة السعوديَّة، حيث مدائن صالح، ومكَّة، والمدينة المنورة، والبلدة القديمة في جدة، وآثار أصحاب الأخدود في نجران، وقلعة تاروت في محافظة القطيف، ومركز الملك عبد العزيز التَّاريخي، وآثار الدرعية الرياض، وصولاً إلى الكويت، الَّتي تضمُّ فيلكا، وسور الكويت.

ولطالما إستطاعت هذه الدول، بما تملك من معالم، من إستقطاب السيَّاح من مختلف أنحاء العالم، إلَّا أنَّ بعض الدول دفعت ضريبة نجاح ثوراتها من خلال إقتصادها، فيما إستفادت دول أخرى منها، وإنتعشت إقتصاديًّا.

ليست هناك تعليقات:

بحث سريع في هذا الموقع